إنشاء روتين قوي يساعدك على تحقيق أهدافك (الجزء الأول)

ما هو روتينك الأسبوعي؟ ماذا تفعل خلال أيام أسبوع العمل؟ ماذا تفعل خلال عطلات نهاية الأسبوع؟ هل تستفيد من روتينك الأسبوعي؟



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة "سيلستين تشوا" (Celestine Chua)، وتُحدِّثنا فيه عن كيفية إنشاء روتين قوي، يساعدك على تحقيق أهدافك وأحلامك.

الغرض من الروتين:

الروتين هو مجموعة من النشاطات التي تكررها كل يوم أو أسبوع أو شهر، عندما تحدد مجموعة من المهام التي يجب الالتزام بها كل يوم أو أسبوع أو شهر، فإنَّك تنظم حياتك؛ إذ لا تستيقظ كل يوم متسائلاً عما يجب القيام به؛ أي إنَّ الروتين يبسط حياتك ويمنحك الاستقرار.

خلافاً للاعتقاد الشائع، فالهدف من الروتين ليس إبقاء الأشياء ثابتة؛ بل العكس هو الصحيح، فالهدف من الروتين هو إحراز تقدم لمساعدتك على تحقيق أقصى استفادة من الحياة اليومية من خلال اتباعه؛ إذ نقوم بذلك بطريقتين:

  1. من خلال تحديد مجموعة من المهام يمكنك القيام بها كل أسبوع، لن تضطر إلى إضاعة الوقت في التخطيط لما يجب القيام به كل يوم، يمكنك الالتزام فقط بجدولك الزمني والتركيز على إنجاز الأمور.
  2. من خلال تنظيم حياتك يمكنك الحد من احتياجاتك ذات المستوى الأدنى، وتلبية احتياجاتك ذات المستوى الأعلى (مثل تحقيق الذات والإنجاز).

الروتين القوي مقارنة بالروتين الضعيف:

الروتين القوي هو الذي يساعدك على إحراز تقدم كبير في أهدافك فقط من خلال الالتزام به؛ أي حتى لو تركت حياتك تسير تلقائياً مدة شهر دون تخطيط وركزت ببساطة على ما خططت له في جدولك الزمني، فستكون أقرب إلى تحقيق أحلامك مما كنت عليه قبل شهر مضى.

من ناحية أخرى، الروتين الضعيف هو الذي لا يساعدك على تحقيق تقدم، أو حتى يعوق تقدمك في بعض الأحيان؛ إذ عليك أن تخطط لخطوات عمل جديدة إضافة إلى روتينك الحالي لتحقيق أهدافك، وهذا يشير إلى فشل الروتين، ولا يمكنك الاعتماد على روتينك لتحقيق أهدافك، مثل هذا الروتين لا يخدمك، وهذا يستدعي إحداث تغيير كبير.

معظم الناس اليوم لديهم إجراءات روتينية غير قوية؛ إذ تمتلئ جداولهم الأسبوعية بمهام غير مثمرة تجعلهم مشغولين وغير منتجين، على سبيل المثال: تصفح الويب عشوائياً، العمل في وظيفة لا مستقبل لها، قضاء وقت كبير في التغلب على العادات الضارة، مثل تناول طعام غير صحي، والندم على ذلك، ثم ممارسة الرياضة وتناول كميات أقل للتخلص من السعرات الحرارية الزائدة، وتكرار الأمر في اليوم التالي، الانغماس في أنماط التفكير السلبية، مثل القلق والانشغال بالمخاوف بدلاً من اتخاذ الإجراءات، صحبة الأصدقاء الذين يستنزفون طاقتهم، وقضاء وقت كبير في العلاقات الطفيلية (العلاقات التي يعتمد فيها أحد الأطراف اعتماداً كلياً على الطرف الآخر)، وهدر الوقت بلا منفعة.

إنَّهم يرسخون روتينهم المؤذي بتكرار هذه الأمور كل أسبوع، ويتعلقون به أكثر فأكثر مع مرور الوقت، ما يُصعب إقلاعهم عنه، لا سيَّما إن كانوا يمارسونه مدة طويلة من الزمن، فيشعر هؤلاء الأشخاص باستمرار بالسخط وعدم الرضى عن أنفسهم وعن حياتهم، لكن لا يمكنهم تحديد السبب بدقة، والسبب هو أنَّهم يسيرون في حلقة مفرغة تكدر صفو حياتهم وترهق أرواحهم.

إقرأ أيضاً: 10 نصائح للتخلص من الروتين اليومي والملل بطرق بسيطة

متى يحين الوقت لتغيير الروتين؟

إليك بعض الدلائل على أنَّ الوقت قد حان لتغيير روتينك:

  1. تتساءل باستمرار عما عليك فعله بوقتك.
  2. تفتقر إلى الإلهام وحياتك رتيبة.
  3. تشعر بالانشغال؛ لكنَّك لا تعرف ما أنجزته في نهاية الأسبوع.
  4. لا تشعر بالرضى عن نفسك وعن حياتك.
  5. تشعر بحاجة دائمة إلى مراقبة أهدافك لأنَّك لا تثق بروتينك لتحقيقها.
  6. نشاطاتك اليومية عمل رتيب أكثر منه مصدر إلهام.
  7. ليست هذه النشاطات اليومية التي تريد القيام بها إذا كنت تعيش حياتك بطريقتك.
  8. تشعر بالتعب بسهولة مع أنَّك لم تفعل شيئاً ملموساً.

فيما يأتي مجموعة من الحقائق التي تكشف لنا حقيقة الروتين وحجم تأثيره في حياتنا:

الحقيقة الأولى: الروتين القوي جسر بين الرؤية والواقع

أنظر خلال جلسات الكوتشينغ مع عملائي في مهام كثيرة كبيرة تجعلنا نفكر في حياتنا، مثل رؤية حياتنا وأهدافنا وأحلامنا طويلة الأمد، وقائمة المهام التي تريد إنجازها قبل وفاتك، والقيم الشخصية، وهذه أسئلة هامة وأساسية تحفزنا على عيش حياتنا على أحسن وجه.

إضافة إلى التفكر والتجليات التي يحصل عليها المرء عند التفكير في هذه المهام، فيجب متابعة هذه الرؤى طويلة الأمد بخطط عمل مناسبة تحولها إلى حقيقة، وروتينك هو ما يسد الفجوات بين الرؤية والأهداف طويلة الأمد؛ لذا خطِّط لعملك وحياتك اليومية، وإذا كان لديك أهداف قوية تحفزك على المضي قدماً، لكن لديك روتين ضعيف يستنزفك كل يوم، فمن الواضح وجود عدم توافق، ويمكنك الاستمرار في الحلم وتصور مستقبل أفضل، لكن إلى أن تضع روتيناً قوياً، ستبقى رؤيتك مجرد رؤية.

الأمر أشبه بقيادة سيارة دون عجلات، بصرف النظر عن كمية الوقود الموجودة في الخزان، لن تتحرك السيارة دون تثبيت العجلات المناسبة أولاً، ويمثل روتينك العجلات التي ستنقلك من الرؤية إلى الواقع.

شاهد بالفيديو: 5 علامات تخبرك أنه يجب أن تغيّر طريقة حياتك حالاً

الحقيقة الثانية: الروتين القوي يساعدك على التقدُّم في أهدافك بمجرد التمسك به

إذا كان روتينك يتماشى مع أهداف حياتك، فإنَّ اتباع الروتين كل أسبوع سيساعدك على تحقيق تقدم كبير في أهدافك وأحلامك، لا تحتاج إلى استثمار مزيدٍ من الطاقة للتفكير في أهدافك طويلة الأمد خارج نطاق مهامك الأسبوعية؛ لأنَّ كل شيء يتوافق مع بعضه بعضاً.

الحقيقة الثالثة: الروتين القوي يمنحك القوة

هل سبق لك أن كنت مشغولاً للغاية ولديك نشاطات عدة عليك القيام بها في أسبوع، ومع ذلك يبدو أنَّ لديك طاقة لا حدود لها؟ وفي الوقت نفسه، يمكنك قضاء أسبوع ليس لديك فيه الكثير لتفعله، لكن هذا لا يجعلك أكثر نشاطاً، أنت تنام وتستريح طوال اليوم؛ لكنَّك تشعر بالتعب في نهاية اليوم.

هذا لأنَّه لا يوجد نشاطان لهما التأثير نفسه، فبعض النشاطات لها تأثير منشط، فهي تتصل بقيمك الداخلية؛ ومن ثَمّ تطلق دفعات جديدة من الطاقة عندما تشارك فيها، ومع أنَّك تبذل الوقت والجهد، فإنَّك تصبح أكثر قوة بعد القيام بها، وبعض النشاطات الأخرى لها تأثير ضار، فهي تستنزف طاقتك وترهقك.

عندما أمارس روتيناً قوياً، أشعر باليقظة والنشاط طوال الأسبوع، مع أنَّني لا أنام سوى بضع ساعات فقط كل يوم، وكذلك لا أشعر بالتعب؛ إذ يمكنني الاستمرار إلى ما لا نهاية، والانتقال من نشاط إلى آخر دون توقف؛ لأنَّ كل نشاط يجعلني أكثر نشاطاً من ذي قبل، على سبيل المثال، عندما أعقد ورش عمل وندوات، أشعر بحماسة شديدة، عندما أعمل مع جمهور قوي لديه أفراد يتمتعون بوعي عالٍ، فإنَّنا نتبادل الطاقة الإيجابية، وفي النهاية يكون الجميع نشيطين للغاية.

من ناحية أخرى كنت سابقاً أعيش في حالة خمول، وأشعر بالتعب طوال الوقت مع أنَّني لم أفعل أي شيء طوال الأسبوع، كنت أنام 10-12 ساعة كل يوم، وأشعر بالتعب بعد كل هذا النوم، شملت النشاطات خلال الأسبوع مقابلة الأشخاص الذين يستنزفون طاقتي، وتناول طعام غير صحي، وممارسة نشاطات سلبية مثل مشاهدة الأفلام، وعموماً عدم القيام بأي شيء على الإطلاق، وغني عن القول، إنَّ مثل هذه الأعمال الروتينية تجعلني أسخط على نفسي ما لم أتدخل بسرعة لتغيير الوضع.

أنا لا أقول يحب عليك أن تنام من 4 إلى 5 ساعات يومياً فقط (لا أظن أنَّ هذا أمر يمكن الاستمرار به)، إنَّ وجهة نظري هي أنَّ الأمر لا يتعلق بعدد ساعات نومك؛ بل بالنشاطات التي تمارسها في اليوم، فمن خلال الممارسة الاستراتيجية للنشاطات التي تعزز قوتك، والتخلص من النشاطات التي تستنزفك، فإنَّك تصنع روتيناً إيجابياً، وتصبح أكثر نشاطاً وراحة من الأيام التي لا تفعل فيها شيئاً وتنام فيها 10 ساعات كل يوم.

شاهد بالفيديو: نصائح النَّاجحين لتغيير روتينك اليومي للأفضل

أفضل طريقة للمعرفة هي التجربة؛ لذا جرِّب نشاطات مختلفة ولاحظ ما تشعر به قبل كل نشاط وبعده، كما قلت بعض النشاطات تمنحك الطاقة، وبعضها الآخر يستنزفها، فتؤدي ممارسة سلسلة من النشاطات المنشطة إلى منحك مزيدٍ من الطاقة للقيام بمزيد من النشاطات، بينما تؤدي ممارسة سلسلة من نشاطات الاستنزاف إلى استنزافك طوال اليوم، ويعتمد ما إذا كان النشاط ينشطك أو يستنزفك على قيمك وأهدافك وكيف يدعمها هذا النشاط.

تشمل النشاطات التي تمنحني القوة والنشاط:

  • التواصل مع أصدقاء طيبين.
  • تكوين صداقات جديدة.
  • التحدث إلى أفراد ذوي وعي عالٍ.
  • صناعة محتوى مؤثِّر.
  • تمكين الآخرين من تحقيق أقصى إمكاناتهم.
  • تحسين حياة الآخرين.
  • إحداث فرق في هذا العالم.
  • اتخاذ الإجراءات.
  • تحقيق النتائج في أهدافي.
  • التخلص من الفوضى.
  • رؤية الناس يحققون أهدافهم.
  • رؤية الناس يشعرون بالسعادة.
  • تناول طعام صحي.
  • بناء علاقات صادقة.
  • التواصل الاجتماعي البنَّاء.
  • تنمية عملي.

تشمل النشاطات التي تستنزف طاقتي:

  • مشاهدة التلفاز.
  • عدم فعل أي شيء.
  • الإفراط في النوم.
  • التعامل مع أفراد من ذوي الوعي الضعيف (مستنزفي الطاقة والناقدين والوقحين الذين لا يفعلون شيئاً حيال حياتهم، ويتحدثون كثيراً؛ لكنَّهم لا يتخذون أي إجراء مطلقاً).
  • التفكير بمخاوفي أو مخاوف الآخرين.
  • إضاعة وقتي.
  • إملاء الآخرين عليَّ ما يجب عليَّ القيام به.
  • الاضطرار إلى الاهتمام بأشياء لا تهمني.
  • مواجهة مواقف متكررة لا فائدة ترجى منها.
إقرأ أيضاً: حسَّن روتينك الصباحي مع 10 خطوات أثبتتها الأبحاث

الحقيقة الرابعة: الحاجة إلى تحسين الروتين باستمرار

من المحتمل أن يكون لديك روتين يمنحك القوة في البداية، لكن لم يعد له التأثير نفسه بعد فترة، على سبيل المثال عندما أطلقتُ مدونتي، أنشأت روتيناً أسبوعياً جديداً؛ إذ كنت أقرأ عن كيفية كتابة محتوى قوي وإنشاء مدونة رائعة، وكتابة مقالات جديدة والترويج لها على مواقع التواصل الاجتماعي، وكان الروتين مثمراً جداً في البداية، ولقد ساعدني ذلك على اكتساب المهارات التي أحتاج إليها بسرعة لإنشاء مدونة رائعة.

لكن بعد بضعة أشهر، أصبح الروتين غير مجدٍ؛ لأنَّني أصبحت أكثر دراية بكيفية كتابة محتوى قوي وإنشاء مدونة رائعة، لم تعد قراءة المقالات عن التدوين مثمرة؛ لأنَّ معظمها كان يكرر النصائح والمعلومات نفسها، وكذلك لأنَّ مزيداً من الأشخاص أصبحوا يعرفون مدونتي، وجدتُ أنَّه من المجزي التركيز على صناعة المحتوى أكثر من التسويق، لقد أدى الروتين الغرض منه ولم يعد مفيداً، ولقد حان الوقت لتغيير روتيني وتحديد روتين جديد يُمكِّنني من تحقيق أهدافي وأحلامي بسرعة أكبر.

لأنَّنا ننمو ونتطور طوال الوقت؛ فيجب أن يتطور الروتين أيضاً، فلا يمكن لروتين واحد أن يستمر إلى الأبد، إنَّها مسألة إعداد إجراءات روتينية تناسب قيمنا واحتياجاتنا وأهدافنا طويلة الأمد في كل مرحلة زمنية، إنَّ التمسك بالروتين نفسه لبقية حياتنا هو عائق أمام تقدمنا.

في الختام:

لقد تحدَّثنا في هذا الجزء من المقال عن الغرض من الروتين، ومتى يحين الوقت لتغييره، واستعرضنا أربع حقائق عن الروتين القوي، وسنتابع في الجزء الثاني والأخير منه الحديث عن كيفية إنشاء روتين قوي من خلال خمس خطوات ومثالين اثنين.




مقالات مرتبطة